لاشك أن الكثير الدائم خير من القليل المنقطع

مشكلة الكهرباء والماء في تشاد .. هل هي مشكلة موارد وإمكانات أم هي مشكلة غياب لحلول عملية؟

أنا احب أن أبدء حديثي  بالتوصيف والتحليل ثم الاستنتاج اخيرا  وعليه  أرجو ألا يحكم أحد على كلامي من اول جملة أو جملتين .
كنت ذات يوم في باريس ، وأنا متجه إلى غرفتي في الفندق الذي نزلت فيه ، فإذا بي أسمع صوت جلبة عالية ، نزلت من فوري إلى صالة الاستقبال وسألت الموظف  ما الذي يجرى ؟  فقال بأن الجو  سيكون صحوا ومشمسا غدا  حسب ما أعلن في نشرة الأخبار الجوية  ، فقلت في نفسي كل هذا المكاء والتصدية بسبب الشمس ؟!  إنهم إن جاؤا عندنا لأخذوها بالمجان . هذا الحدث كان عارضا في حينه غير أنه  بمرور الأيام والسنوات  تعلمت منه شيئا كبيرا . تعلمت أنه صدق من قال بأن الحاجة أم الاختراع  وأنه لم يقل كذبا من قال بأن الأفارقة أقل الناس اختراعا  وذلك لانعدام حاجتهم إلى مقومات الحياة الأولية التي يحتاجونها ؛ فإن الأفريقي يقتطف الثمار من الأشجار التي لا يزرعها ، ويصطاد الطرائد الوفيرة التي لا يربيها ، فالحر عنده غير قاتل ، والبرد عنده غير ضار .

لما عرف المخترعون والمفكرون وأصحاب الحاجة الصناعية والزراعية بأن مصادر الطاقة النفطية إلى زوال إن عاجلا أو آجلا  ، عكفوا يبحثون عن بديل  أرخص وأدوم  وغير ضار بالبيئة ؛ حتى إن بعض الباحثين في الدول الاسكندنافية استفادوا من الحرارة الناتجة عن أجهزة الكمبيوتر الكبيرة فسخروها في التدفئة المنزلية .

                 لا أكون مبالغا إن قلت بإن  80% من استخدامات المواطنين التشاديين للكهرباء هي في مجال الإنارة  فقط وربما 20% أوأقل في مجال التبريد والتهوية ، فما الذي يستفيده من يريد الإنارة حينما تأتيه الكهرباء الساعة الثانية صباحا وتنقطع عنه الساعة السابعة صباحا ؟؟؟!  أين هي المصانع الضخمة التي تستهلك الكهرباء وتحرم منها المواطن البسيط؟ إن الكهرباء لا تنقطع عن بيوت بعض العسكر المتنفذين وياليتهم يسددون رسومها ؛ ثم إن الويل والثبور ودخول القبور لأم من يتجرأ بقطع التيار عنهم لعدم سدادهم  للرسوم المستحقة عليهم . وهل عليهم رسوم أصلا  أم استباحوها وباعوها لأصحاب الثلاجات ؟؟؟

من أهم مصادر الطاقة الرخيصة والنظيفة :  الطاقة الشمسية؛  ولذلك قررت الدول الأوربية  إنتاج ربع ما تحاجه من الطاقة من الدول الأفريقية شمال الصحراء  لتنتج الكهرباء هنا  وتوصل إلى أوروبا  عبر  تمديدات في البحر الأبيض المتوسط .

بالله ربكم ما الذي يمنع تشاد من أن   تنفق ملايين الدولارات لتوفر لمواطنيها طاقة مستدامة ما دامت السماوات والأرض إلا ماشاء الله ؟؟؟!  تكون هذه الطاقة  "كثير دام خير من قليل منقطع" .  إن أكثر من ثلث البلد صحراء ، والشمس هناك تكاد تكون عمودية  طول العام ، نحتاج هنا إلى إرادة وقرار سياسي وسيادي  فقط.

كيف يعقل أن يشرب الناس من المواسير المصدية والتمديدات المائية المليئة بالميكروبات ؟ هل الكميات الزائدة من الكلور الذي يضاف إلى الماء كفيلة وحدها بقتل الجراثيم أم لها آثار جانبية أخرى ضارة بالصحة ؟؟   
كيف يعقل أن يكون تدفق الماء ضعيفا في المواسير في مناطق مثل الدغيل ، أين محطات التقوية لضغط المياه؟؟

 إن التخطيط لبناء الدول من الأهداف بعيدة المدى وهي لمئات السنين  . هل تعرفون بأن مجاري الصرف الصحي في عاصمة مثل باريس ولندن بنيت من الحرب العالمية الثانية ويمكن لها أن تعيش لخمسين أو ستين سنة قادمة ؟؟؟

                إن عجز شركة الكهربا والماء مركب من عدة أشياء : أولها قدم الأجهزة التي ترجع إلى الستينات والسبعينات ، ثانيا الاحتكار بين بعض المتنفذين وبعض الفرنسيين ، ثالثا الفساد المالي والإداري رابعا غياب الرغبة في إيجاد البديل

إن ما يسمى بأموال الأجيال القادمة ينبغي أن يسخر في ضروريات البنية التحتية وفي الصحة والحياة قبل التعليم ، لأنه لا تعليم من دون صحة  ولا تعليم من دون حياة . بل لا حياة بدون صحة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق