مقال وحوار بين أبي البطل وأبي الأنوار حول النزاع التشادي المسلح



الشيخ أبوالانوار/محمد جرمة خاطر
لم أعرف الشيخ أبا الأنوار/محمد جرمة خاطر من قبل ، غيرأني سمعت بهذا الاسم  ولا ادّعي أني عرفتهمعرفة تامّة عبر هذا الحوار الذي دار بيني وبينه على صفحات الفيس بوك . وقد سألتههذا السؤال لأنطلق من اجابته إلى توصيف ما أومن به من سبيل للتغيير في الواقعالتشادي وإليكم ما جرى.
لا شك أن من عاشر فترةالثورة المسلحة وعايش جميع فصولها قد مرّ بتجارب عديدة .  والشيخ أبو الأنوار من هؤلاء .  فما أريده هو أن يذكر لنا وللتاريخ  والأجيال القادمة مواطن اخفاقات هذه الثورةالمسلحة وما هي أسباب هذه الاخفاقات  ، كماأنه لو استقبل من أمره ما استدبر  ماذا كانيصنع لنكون هذه الثورة ناجحة ومفيدة للمجتمع التشادي ؟؟؟
ما هي نصيحته للشبابالمتحمس والذي يريد التغيير  العنيف والذيفي نظري لا يصلح ولا يزيد إلا تخلفا ودمارا ؟؟
وكانت إجابتهكالتالي وهي كما سطرها لا أصحح بعض الاخطاء الإملائية فيها :



تقدم الاخ ابو البطل بطرح هذه الاسئله على الشيخابو الانوار وقد اجاب بالتالي 

وهي:أذكر مواطن إخفاقات الثورة المسلحة وما هي أسباب إخفاقات هذه الثورة؟كما انكإن استقبلت ما أدبر من أمرك ما ذا تصنع لتكون ناجحة ومفيدة للمجتمع التشادي؟ماهينصيحتك للمتحمسين من الشباب الذين يريدون التغيير العنيف والذي في نظري لا يصلحولا يزيد إلا تخلفا ودمارا.

الجواب: بعد التحية والشكر على توجيه مثل هذه الأسئلة الواضحة والصريحة.


فيما يخص إخفاقات الثورة جاء سؤالك غامضا فاحترت من أين ابدأ لأن عندي كلمت ثورةفي التشاد لا تنطبق إلا لما كان من فرولينا رغم ما وصلت إليه من تشرذم إلا أنروادها كانور صادقين مع أنفسهم ومع أهدافهم وتطلعاتهم وأما أسباب فشلها فكانت أمورعديدة يطول سردها ولا مانع من ان نختطف بعضا منها في عجالة.

1-إن ولادتها جاءت نتيجة قرار ارتجالي لم يأخذ بعين الاعتبار المستوى الشعبيالمتدني جدا في ذالك الوقت لكونه بعيدا عن المفاهيم التي نادت بها الثورة وهيالأشتراكية العلمانية السائدة في تلك الفترة والتي تروج لها ظروف الحرب الباردةفكان التصدي للآمبريالية ونشر الاشتراكية على الطريقة السوفيتية هي القاعدةوالمنطلق لكل ثورة والنموزج المطروح ان ذاك كانت الجزائر مع بنبلا ومصر مع جمالوكوريا مع كملسون والثورات الافريقية في الجز الخضر وانقولا والمزمبيق وردوسيازمبابوي اليوم وغيرها.وكل إفرازات الحرب الباردة.

هذا النمط تبعته ثورة فرولينا ولكن من بدايتها بدأت عرجاء لتحالف حزب الاتحادالوطني بقيادة الشهيد إبراهيم أبتشا وهو اشتراكي وجبهة تحرير تشاد لحسن أحمد موسىوهو إسلامي والباقلاني من امسا حزب وطني افريقي ولكنه اسلامي أيضا. هذا الخليط فيالشعارات لم يجد منظرا من أي طرف من الإطراف كانوا جميعا ابتدئيين مع احترامي لهمويظهر ذالك في النقاط الثمانية المشهورة في برنامج فرولينا. ثم تلتها الانقساماتبمجرد تلك المؤامرة التي راح ضحيتها الشهيد ابوبكر جلابو.


هذه الانقسامات الى جيش أول بقيادت الدكتور ابا صديق والبركان بقيادة الشهيدالباقلاني والجيش الثاني بقيادت مزدوجة من كوكوني وهبري للجيش الثاني ثم جاء الجيشالثالث بقيادة المرحوم محمد عبد الرحمن ومن بعده مدلا وابوبكروقل ما تشاء.الى انانتهت فرولينا الى تسع جبهات عند اتفاقية لاقوس التي جعلت هذه الفصائل تقاسمالسلطة ليس مع النظام الذي حاربته فحسب ولكن مع الجنوب بقيادت كاموقي وهنا يكمنفيه السر الثاني للفشل .ثم جاء انقلاب هبري على الاتفاقية مما ادى الى حرب الاشهرالتسعة داخل العاصمة والذي ادى الى التدخل العسكري الليبي.ومن بعده رجع هبري بدعمقوي من الامريكان والمصريين والسودان نظر لوجودليبيا وأخطأ كوكوني بتوقيعه علىاتفاقية وحدة مع ليبيا وكل هذه المواضيع يحتاج تفصيلها الى كتاب كامل ولكن ذكرتهاللوقوف على جزء من الأسباب الحقيقية التي أدت إلى فشل تلك الثورة.



وأما اذا كنت تتحدث عن ما جرى أخيرا على الحدود الشرقية وبالتحديد من السودانفانها لم تكن ثورة وأفضل وصف لها انها معارضة مسلحة وكنت من بين الذين عاشوا معهامن اليوم الاول ولم اصفها يوما بالثورة وكنت أقول في صراحة في جميع الاجتماعاتوكلما أقدمت الى عمل وحدوي كنت أرئس لجانها ولم تر أبدا كلمة ثورة فيوثائقها.ولكننا نستعمل كلمت مقاومة لانها مشروعة بالدستور الذي ينص في ديباجته علىان الشعب التشادي لن يقبل الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح ولا يقبل فرضهابالسلاح وهذا الأخير هو الذي اقدم عليه دبي برفضه التداول السلمي بتغييره الدستورحتى يحكم مدى الحياة وقد يخلف احد ابنائه.
لماذا؟ لم نسميها ثورة؟لأن العناصر التي تكونت منها المقاومة لم تكن ثورية ولمتقبل ببرامج ثورية انها تتحدث عن تغيير وهو يعني تغيير النظام وكنت أقول نحن نحتاجالى تحرير والفارق كبير سوف أعود اليه وذالك يذكرني قول الشيخ بن عمر لي انك تحلمفي هذا المكان تتحدث عن تحرير وتغيير؟ وكان هذا الكلام بليغا يحمل في طياته معانيكبيرة.

ان المكونات المختلفة أخذت منحا قبليا بين أربع مكونات قبلية رئيسية واخرى حاضرةولو انها لم تذكر كثيرا على السطح. وهذه المكونات سيطرت عليها قبيلتين متناقضتينبدعم قوي من الجهة المساعدة التي رغم التحذير المتكرر لم تفهم اوبالاحرى رفضت أنتفهم إن الاعتماد على هذه القيادات وفرضها بالقوة على الآخرين سيؤدي الى انتائجعكسية وعدم الاستماع الى هذه النصائح جعل الزعيمين الذين ارتكزعليهما الدعم الماديوالعسكري لايتفقون بينهم ويظلمون من تبعهم باستيلائهم على المقدرات والامكاناتبقسمة ضيزى. مما جعل كل واحد يخطط لان يقع اخيه في شباكه او حتى في شباك عدوهماالمشترك..كما إن الذين يشعرون بالغبن من جراء المعاملة من جميع الجهات التي تفرضلهم اما التعامل بما يفرض عليهم واما قفل جميع الابواب دونهم فهؤلاء يجعلون لهمخطت (ب).
فهل يمكن لمعار ضة مسلحة هذا وصفها تنجح ؟لا أظنه وقد أعطيت تفاصيل أكثر في هذاالموضوع عند ردي على أسئلة الاخ/بن موسى فتجدها هناك.
واما قولك ماذا أفعل لو استقبلت ما أدبر من أمري.

فأولا لم أرد منذ أن خرجت للمعارضة قيادة تنظيم سياسي عسكري اعتبارا لما عشته منتجارب في هذا الميدان وفي ظروف أحسن من ما نحن عليها اليوم.فوضعت نفسي تحت تصرف كلمن يريد إسقاط النظام ولو كان في ذالك الوقت جاء أحد أبناء دبي وقال انه يريدإسقاط أبيه لتبعته علما بان سعيي يقف معه عند سقوط النظام . ولكن أعترف اليوم أنذالك كان خطأ فادحا ارتكبته نظرا لاكتشافي مؤخرا وبعد الدخول إلى انجمينا والسيطرةعلى كل شيئ ما عدى قصر الرآسة ثم الخروج منها هذه هي اللحظة التي أدركت فيها إننيأخطئت في اختيار الموقف لأن الأشخاص الذين ظننت أنهم قادرون على تجاوز اعتباراتهمالذاتية لم يكونوا على مستوى المسؤولية ولا يستحقون قيادة الخرفان فضلا عن الرجالفكانت مرارتي قوية كبيرة. أدركت أن الأسباب الحقيقية تكمن في القيادات وانالتقسيمات القبلية التي يعتمدون اليها يمكن ان تتخلى عنهم اذا وجدت قيادة تخرجهممن هذا الوعاء الضيق والدليل على ذالك كان المقاتلون في خندق واحد يدافع بعضهم عنالبعض دون الالتفات الى ما كان يجري بين قادتهم.

إذا يا أخي أبو بتال: إن أول ما يجب فعله هو أن القائد يجب أن تكون له فكرةواضحةعن ما يحمل من تصور للمراحل المختلفة من حياة الثورة والدولة وفيما يخص الشأنالتشادي تكمن مشكلاتنا في ان النظم التي حكمت التشاد لم تغير عن النهج المؤسساتيالذي تركه الاستعمار ولا عن المناهج التعليمية ولا التوجه الاقتصادي ولا النظامالإداري الإقليمي والمركزي كلها استنساخ مما عليه الميتروبول ونحن ليست لنا معالمستعمرثقافة واحدة ولاتاريخ واحد ولا حضارة واحدة ولاجغرافية واحدة وكل هذهالعوامل تطلب التعامل معها بصيغة تنطلق من القيم الحضارية والثقافية والتاريخيةوالجغرافية التي صنعت منا ما نحن عليه وفيه ومعه فما لم تؤخذ هذه المعايير في عينالاعتبار وتصاغ برامجا مدروسا تحليليا للواقع لم تجد التشاد الراحة ولو ان قيمالعدالة والمساواة بين المواطنين اصبحت واقعا ثم طبقت الحريات الأساسية في جوديمقراطي فانها تصل الى الدرب المسدود ما لم تديرها مؤسسات منطلقة من واقعناالمعاش ويدعما منهج تعليمي مستقل يغير المعطيات الثقافية التي تجعل منا تبعا نخدمالاهداف الاستعمارية تلقائيا وغالبا دون ثمن لان العقلية التي نزاول منها نشاطنااليومي مرتبطة بحضارة وثقافة اجنبية. تماما.

وأما عن حماس الشباب اليوم هو جاء نتيجة لممارسات قمعية منحدرة من تصرف قبلي أهوجيهدد مستقبلهم وجعل منهم مواطنين من الدرجة الثالثة. ذالك ما لا يطاق والتغيير ليسله ثلانين مسلكا اما ان يكون تداولا سلميا ويعبر عن طريق صناديق الاقتراع واماانقلابا عسكريا وهذين الامكانيتين اولاهما اثبتت التجربة انه مستحيلا والثاني ضعيفالاحتمال وان حصل يوما فسياتي بواحد من الاسرة الحاكمة لانها وحدها تمتلك السلاح.
والامكانية الثالثة هي العمل المسلح ويحتا ج الى تفادي كل ما ذكرت آنفا في هذهالورقة وفي التي سبقتها.
نأمل ان نكون أفيت بالردود الى اسئلتك ولو اعترف انني جعلتها مختصرة جدا.
                                                                                                                                                           ابو الانوار
جاءتمداخلتي على مقال أبي الأنوار كما يلي :
أولاأشكر الشيخ أبا الأنوار على الإجابة على سؤالي وإن كنت أريده أن يكون أكثر تفصيلاوأكثر تشخصيخا وتسمية  ، لأن القضية قضيةحياة وموت وتطور أو تخلف لأمة كاملة ، كما أنني وددت أن تكون العبارات أكثر صراحةفيما يتعلق بالمعارضة المسلحة أو التغيير المسلح ، غير أن الإشارة في المقالةواضحة لمن يريد العبرة .
منواقع تجربتي البسيطة أرى الآتي :
·      التغيير مطلب حضاري وانساني وكوني ، والواقع التشاديأكثر إلحاحا وأشد حاجة إلى التغيير  غيرالصدامي . لأن الوسائل العنيفة في التغيير جرّبت ولم تجد نفعا ولم تؤت ثمارها .
·      التغيير الصدامي يعتمد كثيرا على الدعم الخارجي إما منالدول الإقليمية المجاورة أو الدول الخارجية وعلى رأسها فرنسا . وهذا الدعم لهثمنه المادي المتعلق بتدمير البنية التحية (المنهارة أصلا) وإزهاق الأرواحوالممتلكات أو على مستوى التوجيه السياسي وفرض الأجندات ،  لأنه في غالبالأحيال تشغل المعارضات المسلحة نفسها بالتسلّح وكسب المعركة على الأرض متجاهلةبرنامجها السياسي والعمل لما بعد الانتصار على الخصم .
·      كان للمعارضة المسلحة (التغيير الصدامي) داعما رئيسا وهوالقذافي والذي كان يلعب على الحبلين معا واستفاد المعارضون من تناقضاته ، ولا يخفىعليك أيها القارئ الكريم  أنه كان يدعمجماعة خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساوى في دار فور  ، وفي الوقت نفسه يرعى المصالحة بينالحركة  والحكومة السودانية . القذافي حليفمقرّب من إدريس ديبي وفي ذات الوقت يدعم جماعة محمد نوري ، ومحمد نور عبدالكريم(صالح ثم اختفى) . بمعنى أنه يسعى وراء مصلحته الخاصة ويريد تنفيذ أجندة لهويستعمل القيادة التشادية والمعارضة للعب الدور . كما أن الداعم الآخر وهو السودانتصالح مع ديبي (وإن مؤقتا) وأوجدوا قوات في الحدود المشتركة ولم يكن للمعارضة سنداأو مؤويا في الشرق من الناحية النظرية . وما كان السودان يدعم المعارضة المسلحةإلا كيدا ومعاملة بالمثل وليس لمصلحة الشعب التشادي وحبا في استقراره وتنمية بلده.
·      وهل عملت فرنسا يوما لمصلحة الأمة التشادية ؟؟ ألمتستعمرها وتنهب خيراتها وتمح حضارتها وصلتها بماضيها المشرق ؟؟ ألم تكبّلهابثقافتها وتربط اقتصادها وعملتها بها ؟؟؟ وهل من معارضة مسلحة انتصرت على النظامالحاكم في تشاد إلا ووجدت الضوء الأخضر والمباركة من فرنسا أولا ؟؟ وهل تشاد إلامستعمرة فرنسية مسلوبة الإرادة السياسية الحقيقية .!!! (الشواهد كثيرة)
·      الانقلابات العسكرية بلية أخرى . ومتى فهم العسكر فيالسياسة والإدارة الرشيدة لحكم البلاد ؟؟؟ هل نستطيع أن نضرب مثالا واحدا فيالحاضر أوالماضي لانقلاب عسكري خرج بالدولة إلى برّ الأمان ووضعا في مصاف الدولالمتقدمة وعاش أهلها أعزّاء آمنين ؟؟؟ الانقلاب العسكري الذي قاده عبدالناصر فيمصر أفرز السادات (عسكري) فاتفاقية كامب ديفيد، ثم أفرز مبارك (عسكري) الذي انبطحتفيه مصر وتخلّفت وصار يملى عليها ، بينما كان ينبغي أن تقود مصر الأمة العربيةكلها . فالانقلاب العسكري غالبا إما أن يكون بإيعاز خارجي ، أو من واحد وطني لايرضى عنه الأقوياء فيسلّطون عليه رفاقه ليصفّوه كما حدث مع توماسسانكارا .
·      مستوى الطرح الذي يتبناه المشتغلون بوسائل الاتصالالحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي والجيل الجديد الذي أتيحت له الفرص التي كانتمعدومة عند أسلافه والذي يؤمل فيه خير ، لم يرتق إلى مستوى بعد النظر الذي يتجردعن الذات ، وينظر إلى مستقبل أكثر اشراقا لأحفاده (ليس له ولأولاده فقط) ولم يرتقإلى وضع الخطط والبرامج والبدائل المفيدة . وسخّر هذه المساحات الحوارية للدردشةوالفضفضة ، وانتقاص الآخرين في أحيان كثيرة بل المحزن أن النزعات العرقية والقبلية والأمراض المزمنة طفت في سطح هذهالمنتديات ، ولا أستبعد أن الاستخبارات ومن لا يريدون لتشاد خيرا ولا للشباب أنيتحد حول هدف سام واحد تلعب هذه اللعبة القذرة لأنهم يعرفون نقاط الضعف في المجتمعالتشادي .
·      وعليه ؛ لابد من إيجاد جيل جديد يؤمن بالوحدة الوطنية،  يؤمن بقيم الحرية والعدالة والكرامةالآدمية ، يؤمن بالمساواة وحقوق الإنسان  ،يضع المصلحة العليا للبلد فوق كل اعتبار .
o     جيل يتسلح بسلاح العلم والمعرفة والثقافة العالية
o     جيل يتربى على طهارة النفس من البغض والكراهية وأكلأموال الناس بالباطل 
o     جيل يطمح أن تكون بلده في المقدمة وليس في الذيل.
o     جيل يسعى إلى ترسيخ مفاهيم التبادل السلمي للسلطة والحكمالرشيد
o     جيل يتربى على حب المساهمة وإشراك الآخرين في بناء هذاالكيان الكبير  ولا يقصي الآخرين من بنيوطنه .
o     جيل يسخّر الاقتصاد الحقيقي لبلده والمتمثّل في خصوبةالأرض والثروة الحيوانية والبترول والمعادن للنهوض بالمستوى المعيشي للناس .
o     جيل يتفانى في تقديم الخدمة والمساعدة للآخرين ويتشرفبذلك . في الصحة والتعليم والغذاء والكساء وماء الشرب النظيف .
o     جيل يضع نصب عينيه محاربة الأمية والجهل بإيجاد معلّمينمربين مبتعثين أكفاء يبنون مدارس نموذجية ويعلمون ويربّون النشأ ، ويعملون علىالإنسان قبل المكان .
o     جيل  همّهالمعالي والسمو
o     جيل يسعى إلى إيجاد إعلام خاص يهدف إلى التوعية والتثقيفوالتعليم وشحذ الهمم ومحاربة السلوكيات الخاطئة والمنحرفة .
o     جيل متميز في جميع المجالات العلمية والأدبية
o     جيل يصلح في كل المجالات التي أفسدتها الأيام في السياسةوالاقتصاد والصحة والتعليم والتخطيط والتنمية والثقافة والإعلام  .
·      هذا التغيير عملية تراكمية تحتاج إلى نفس طويل وصبر واصطبار  بعيدا عن التشنج والحماقة بعيدا عن الإقليميةوالجهوية . والنتائج بإذن الله فعّالة ومضمونة .
·      هذا التغيير  لايقتصر على فرد دون آخر  ولا على فئة دونأخرى .
·      هذا التغيير لا يعني تكوين أحزاب سياسية فقط ؛ لأنهاتعمل في إطار ضيّق يعنى بالسياسة والحكم فقط .
·      هذا التغيير يعنى مؤسسات المجتمع المدني المختلفة ،  المتناسقة ، المتكاملة ، المتعاونة فيما بينهاوالتي يجمعا هدف واحد وهو النهوض بهذه الأمة التشادية . كل مؤسسة تتخصص في جانبواحد أو أكثر  يصب في النهاية في مصبّ واحد.
هذه وجهة نظري للخروج من أزمتنا ، أرجو مشاركتي بأرائكم لتعديل الأفكار وتصويبهاوتقويمها وتفعيلها .
-------------------

جاءت مداخلة أبي الأنوار كما يلي :
أوافق أبو بطل فيما ذهب اليه من تحليل لواقع مرير مرتبه التشاد ولم تزل تبرقع في أطون ومزبلة هذا الصنيع القاسي المرير. غير أن طلب التغييرغير الصدامي الذي يشير اليه يبعد عن الواقع المعاش ويا للأسف لأن التغيير غير الصدامييعني المرور بواسطة صناديق الأقتراع وذالك مستحيل مستحيل مستحيل ما دام ادريس دبي فيالسلطة كما أن احداث البرامج أوالخطط التي يطرحها أخونا ابوبطل لايمكن ان تحدث مع دبيلأنه لايعرف قيمة الدولة وأقولها ليس بغرض التنقيص من شأنه ولكنه لايعلمها نظرا للقصورالمبالغ في مستواه التعليمي ولايعترف به وليس هناك أخطر من الذي يدعي العلم وهو لايعلم.فيما عدى ذالك فأقول ليس هناك من يرغب ان يعرض حياته للخطر وأمامه الحلول السلمية أنااليوم لي من العمر 67 سنة وكنت قبل سنة أحمل السلاح ومع المقاتلين في ساحات القتالرغم اعتراض الكثيرين ونحمد الله على ما أعطاني من مال حلال وأولاد وبنات هل ترى منكانت تلك حاله يعرض نفسه للموت في الغابة اذا كان من الممكن وجود حلول سلمية لما نحنعليه؟لاأظن ذالك أذا رغم ان الواقع كما قال أبو بطل يملي على من أراد حسم السلطة فيالتشاد بالسلاح ان يجد موافقة من فرنسا وقبل ذالك كانت فرنسا وليبيا يتقاسمان الادوارفي التشاد نعم ولكن اليوم يختلف الحال تماما لأن فرنسا والغرب كله غارق في ديونه السياديةووضعه الاقتصادي المتردي وليس هناك حل لذالك رغم ظهورهم المتعصب واظهار قوة ليست موجودةأصلا الا ان أحوالهم ستزيد ردائة الى منتصف هذا القرن ولا أشك في ذالك غير ان العقليةالتي رسموها في عقول الآخرين بقيةت جاسمة تجسيم الغول في عقول الاطفال .
من هنا انالحل المسلح في التشاد قد لايكون هناك مفرا منه لكنه قد يحصل من داخل الحدود اذا عملالناس بجد واجتهاد ولعل الطريق مفتوح لكثير من الجهات

آخرمداخلة لي جاءت كما يلي :
سيدي الفاضل..أحيي حماستك ، غير أنني أختلف معك في المبدأ. مبدأ التغيير المسلح ... لعل الواقع المريروغياب الحرية الحقة وغياب المؤسسات  أفقد الناسالأمل وألجأهم إلى الحلول العسكرية ... غير أن ما أعنيه هو التغيير المتدرج الذي يبنيالإنسان قبل كل شيئ ، يكون الاهتمام بالإنسان في الدرجة الأولى وفي ذات الوقت تبنىالمؤسسات الأهلية التي تلتقي مع بعضها في هذه الغاية . والبناء المجتمعي لا يقتصر علىالحكومة والسلطة فقط بل يتعداهما إلى مناح أخرى للحياة كثيرة ، منها المناحيالتعليمية والصحية والاجتماعية . صحيح إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآنولكن المرحلة والوضع يقتضي السير بهذا المنهج ، كما أن شخصية الرئيس هذا زائلة لامحالة إن لم يمت في ساحة المعركة فإنه بشر وهو ميّت  ولا يربط به مصير أمه كاملة .  إن أردنا لهذا المجتمع أن يكون بعيدا عن"هوّان نفس ما نفعها "  لأنه لميسرق مال الحكومة ، وأن يكون بعيدا عن "حقّ القورو" بمعنى الرشوة . وأنيتخلص من هذه الثقافة السيئة كأن يقضي حاجته في الشارع وإذا سألته لماذا تفعل ذلكفيقول "C ést lademocratie" إنها الديمقراطية (والله لا أنكّت ، فهذا حدث مررت بهشخصيا)  ، وأن يحترم الآخرين لأنهم بشرمثله ولا يعتبرهم عبيدا أو "نوبة" أو حدّاد فلا بد من العمل الدؤوب الذي يربي النفوس ويزرع فيها القيمالإنسانية العليا  وفي ذات الوقت يبنيالمؤسسات التي تقوم بهذا الجانب وتؤدي هذا الدور . 

الإنسلامالــــــــــــــــــــــية

لعل أحدا لم يسمع بهذا المصطلح الغريب ، لعله لميرد بين مصطلحات الساسة ورجال القانون. غير أني سمعت به في عقلي ووجداني ووجدته بينثنايا الدين والسياسة وعلم الاجتماع ، كما أحسست بوجوده اصطلاحا بين بني جنسي وقومي وإن كان غائبا عنهم لغة.
الحب قيمة يشترك فيهاالناس جميعا ويسعون للاحساس بها حتى من الحيوانات إن هم فقدوها من البشر.
العدل مبتغى البهائموالآدميين وبه قوام الدولة والدين
الحق منتهى ما يصبوا إليهالصغير والكبير ،  والصدق مكرمة ومنقبة بلهو صفة النبيّين ، الكذب خسة ومرذلة وخصلة من خصال الشياطين  الوفاء بالعهد رجولة  والحنث دنائة وادّعاء للبطولة ، الكرممحبوب  وصاحبه مرغوب ، والشّح ممجوج  وصاحبه بين الناس مبغوض .  من من الناس لا يبغي العطف والرحمة والحلموالتسامح والاحترام والتقدير ؟؟؟  ألا يكره غالب الناس الكذّابين والدّجّالين والظلمةوقساة القلوب والفاجرين والمتعجرفين المتكبرين ؟؟؟  بلى والله إلى هنا أيها القارئ الكريم  إذا لم تتفق معي،  فلن تصل معي إلى استنتاج ومدلول الإنسلامالية.
ألميناد الإسلام بالحق والعدل والحرية والكرامة ؟ ألم يحفظ الإسلام للناس جميعا حقوقهمواعطاهم حريتهم وخيرهم بين الكفر و الإيمان ؟ ألم يشرّع الإسلام الشورى في الحكموالمشاركة السياسية لمن شاء ؟  ألم يتدرجالإسلام في تطبيق الأحكام ؟ ألم يستمر الرسول في ترسيخ وحدانية الله والعبودية للهوعزة النفس وعدم المذلة إلا لله ونبذ الشرك بالله   والخضوعله وحده سبحانه لمدة ثلاث عشرة سنة ؟  ثملمّا آمن الناس وصدقوا محمدا صلى الله عليه وسلم وجاهدوا بأموالهم وانفسهم وصفتنفوسهم واشرأبت أرواحهم وتطلعت لما هو باق عند الله ، فرضت عليهم باقي الأحكامفتقبلوها بكل أريحية واستسلام وأقبلوا على الصلاة والصيام وأراقوا الخمر بين طرقاتالمدينة بعد أن كانت في كل بيت تقريبا .
 
إنذاك المجتمع الذي تدرجت فيه هذه الأحكام ولم تطبق فيه دفعة واحدة لفيه من الخصالالحميدة ما ندر واندسر  في كثير من مجتمعاتالقرن الحادي والعشرين . فعندنا من البعد عن الدين والآدمية والإنسانية ما الله بهعليم  فالتدرج إذن أوجب وألزم .  هنا الجزء الثاني من الإنسلامالية .
قوام هذه الحياة هو المالولا ازدهار ولا تطور ولا تنمية بدون هذا العصب الذي إن شلّ أو قطع ماتت الحياةالحاضرة .  إن أحد مترادفات التخلف الثلاثةهو الفقر أو انعدام المال . لا احسبني آتي بجديد إن قلت بأن من يحكم العالم اليومهو رأس المال الجشع الطماع الذي يأكل الأخضر واليابس ، مالك شركات النفط ، صاحبالبنوك العالمية ، صاحب مصانع السيارات والطيارات ، صاحب مصانع السلاح ، بائع ومروجالأسهم والسندات  المتحكم في أكثر من 60%من اقتصاد العالم . فالمال مهم جدا لأي تنمية أو مدنية أو تطور ، وهو حقّ من حقوقالناس جميعا  والحفاظ عليه مقصد عظيم منمقاصد الشريعة الاسلامية الخمسة (حفظ النفس ، حفظ الدين ، حفظ المال ، حفظ العقل ،حفظ العرض )  وإن استأثرت به مجاميع صغيرةفي هذا العالم .  
فلماذا لا ندعوا الناس إلىإقامة الحق والعدل والحرية ، وهل الإسلام إلا حق وعدل وحرية وكرامة ، هل صيانةالمال والحفاظ عليه وتسخيره في البناء والتعمير  إلا مطلب شرعي .
فما أبغيه وأشير إليه هو الإنسانيةالتي لا يختلف عليها الناس أينما وجدوا ، بقيم الحرية والكرامة والعدل والحقوق والمساواة
والإسلام الذي يكرم الناسويعزهم ويرفع رؤوسهم ويحفظ آدميتهم ويدافع عن حقوقهم وممتلكاتهم .
والرأسمالية ورأس المال هو الذي تتقدم بهالدول  وتتطور وتترفه به الشعوب وتزدهر . فلا أحد يعاديك أو يسبّك أو يتهمك بالتطرف والخبول والجنون إن دعوت  إلى هذه القيم الربانية بالحكمة والموعظة الحسنة  ما لم يكن هو المتطرف في فكره وعقله .
هذا ما أعنيه بالإنسلامالية.   


تشاد بين جهل الجاهلين وفساد المفسدين

التمايز بين الناس سنة كونيةوحقيقة واقعية بادية لكل ذي لبّ . والتنوع في الفكر والأراء من البدهيات الواضحات. وأيّ مصلح أو مرشد أو معلم في هذا الكون لن يستطيع أن يجعل الناس جميعا على قلبرجل واحد . نعم. الناس سواسية كأسنان المشط في الحقوق والواجبات ولكنهم مختلفون فيالميول والرغبات .
 غير أن هناك منطلقات ومشتركات تجمع العدد الكبيرمن أبناء الوطن الواحد .
أولى هذه المنطلقات حب الوطن . الذييكون فيه الناس شركاء في ثلاث : الماء ، والكلأ والنار  وهذه المشتركات الثلاث غالبا ما تكون في أرضواحدة تقتضي المصلحة المحافظة عليها ، وإن تعددت السبل إليها في وقتنا الحاضر .  فالوطن لمن انتمى إليه . وحبه يقتضي الذود عنه وحمايتهمن أعدائه بالغالي والرخيص . حب الوطن يوجب الدفاع عنه من كل طامع فيه بغير حق . ومنكل لص يريد نهب خيراته . ومن كل جاهل ساذج يريد تشتيت شمل أهله .  ومن كل مرتش ينغّص طعم الحياة فيه . ومن كلمختلس للمال العام لأهله.  ومن كل من يسعىلتفتيته وتقسيمه . بل حب الوطن يقتضي الكشف عن المفسدين ومحاسبة كل من يتآمر عليهويكن له شرّا .  من يقول بغير ذلك فلا أظنهيفهم في الوطن والوطنية .
 ومن نافلة القول التمييز والتفريق بين العملللوطن والعمل للحزب أو النظام الحاكم فقط . فلا ينتمي الناس لأحزاب مختلفة إلا لأنهميختلفون في التوجهات والرؤى والأفكار . فهل إذا اختلفت معك في رأي سياسي وعارضتفكرك وتوجهك الحزبي والسياسي أكون مارقا متمردا معارضا يجب القضاء عليّ ؟ وأكونذلك العدو فاحذرني قاتلني الله ؟  من لهالحق في الحجر على عقول الناس ومنعهم من التفكير المختلف   إذا كانخالقهم ترك لهم حرية الاختيار وتحمّل العاقبة ؟ "فهديناه النجدين  إما شاكرا وإما كفورا " .   "لكم دينكم ولي دين " .
من المحزن أن يتجاذب الوطن أطرافمن أبنائة  وفئات من شبابه . والتجاذب الذياعنيه هنا تجاذب غير محمود ، له عاقبه وخيمة .
يا شباب يا ملح البد . من يصلحالملح إذا الملح فسد ؟؟؟
أنتم أيها المتعلمون المحبونلبلدكم ووطنكم سواء كنتم في الداخل أو الخارج إعملوا من أجل هذا البيت الكبير الذييسمى تشاد ، إعملوا من أجل المصلحة المشتركة ، فلتكن هممكم عالية ، عقولكم كبيرة ،غاياتكم نبيلة ، وسائلكم حضارية فاعلة .
والله الذي لا إله إلا هو :  لو تقرءون ما كتب ويكتب عن تخلف بلدكم وتذيّلكملركب الأمم ما التفتم لصغائر الأمور  ولواصلتمالليل والنهار والشهور بل الدهور خدمة متجردة تبتغي الرفعة والمكانة والسمعةالطيبة لوطنكم .  وهل أنتم بحاجة إلى منيذكركم بحالكم وأوضاعكم .؟!
  ضعواأيديكم في بعضها  وقدموا واطرحوا واقترحوا المفيدواضغطوا بأسلوب راق متحضر  لابد هناك من يستجيب.  
هل تعرفون بأن السباب والشتم لايزيد إلا عنادا واستكبارا  .والتموضعوالانحياز الأعمى لا يزيد إلا خسارا ؟   ما الذي يفيد إذا قلت لإبليس أنت لعين ؟؟؟ أليسالمفيد أن تتجنب غوايته .
دعوا التسلية والهزل في غير محله ودعواالصراخ والسباب والعويل . فلا يقعنّ الوطن ضحية بين تصرف الجاهلين وفساد المفسيدين.


بين القبيلة والحق


كم يطرب الزوج حين يسمع من زوجه كلمة أحبك ، كم يأنس الوالد حين يسمع من ولده "بابا أنا أحبك " فكيف بحب رب الأرباب وخالق الأرض والسماوات ، والذي إذا أحب أدخل الجنة !   فكما أن الحب قيمة إنسانية يشترك فيها الشرقي والغربي ، الاحمر والأصفر ، المسلم والكافر  ، كذلك الاحترام والحق والعدل؛ كل هذه القيم لا تتغير بتغر الزمان والمكان ولا الثقافة ولا العلم . لكن ممارستها تزيد وتنقص بمستوى التحضر أو التخلف للأفراد .


كم هو رائع قول الله تعالى: وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ( المائدة 41)
... فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الحجرات 9)
هنا قيمتان إنسانيتان :  الحب والقسط أي العدل ، فمن في الدنيا لا يحتاجهما ؟ وهل تستقيم الحياة ويهنأ العيش بدونهما ؟ كلا والله . ألم تسمعوا أو تقرأوا بأن المجرم الفلاني الذي أزهق النفوس وروع الآمنين ودخل السجن كان قد فقد الحب والحنان في صغره ؟ !
العدل أساس الملك . العدل قوام الحرية . العدل توأم الاستقرار .  العدل هو الإطار  أو البرواز  الذي يحمي الحقوق  ويصونها . إذا فقد العدل فقدت معه مصالح كثيرة  ؛ فلا أمان بلا عدل ولا استثمار  بلا أمان .
وليس العدل مع من نحب ونوالي فقط ؟!  إنما ... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِين ... (النساء 135)
ومنتهى التقدير لهذه القيمة الآدمية والاحتكام إلى المبدء الأصيل هو قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " (المائد 8 )
فالمطلوب هو الانصاف المجرد من الهوى و من حظ النفس والرجوع إلى هذه القيمة حتى مع الأعداء ومع من نبغضهم بغضا شديدا .
فيا أحبتي جاء في الحديث: "إن الله يحب معالي الأخلاق، ويكره سَفْسافها" . (تفسير ابن كثير - (ج 4 / ص 596  رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق)
هل تعرفون بأن معظم الثورات والجبهات التي قامت في تشاد ولم تفلح في توحيد الصف ولم تقم لها قائمة ، ولم يكن لها امتداد جماهيري في الشرق والغرب وبين جميع مكونات الشعب ؛ كانت ثورات ذات نزعات جهوية وإقليمية وكانت نظرتها قبلية ، وكانت تنتصر للإقليم والقبيلة أو المصلحة الخاصة  ؟!
كيف للنضال ضد الطغيان والفساد والاستبداد أن يكون تسفيها وتجريحا وتقزيما للآخرين  وسبا لانتماءاتهم وعوائلهم وتشرزما وانتصارا للذات دون القيم والمبادئ ؟؟
إن القبيلة جزء من كيان الإنسان وانتمائه ومكوناته ولا أحد يتنكر لها او يلغيها ، بل هي العاقلة التي تحمي دمه وتديي عنه إن قتل ، وتحجر على ماله إن كان سفيها ، وهي مصدر الصلة وهي الأولى بالمعروف . غير أنه ليس بها يعادي المرأ  ويوالي ولا بها يخاصم ويفجر  على حساب الحق والعدل والمساواة . فالتعصب للقبيلة لا لشئ إلا لأنها قبيلته كما قال الشاعر وما أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد ، هذا التعصب مذموم  ولا يفضي إلا إلى شرّ .  
إن بلدكم بحاجة إلى بناء النفوس والعقول قبل الدعوة إلى بناء الحجر  والمؤسسات . بالله ربكم هل يكتب لهذا التناحر والتنابذ بالألقاب انتصار  على الظلم والفساد  ؟ ألم تقرؤا قوله تعالى : وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ؟؟؟ .
يا شباب المستقبل وعدته  يا من تفتّحت عيونكم واتسعت مدارككم على الفضاءات الواسعة ، اتحدوا وانطلقوا من القيم المشتركة التي يدعو إليها الناس كافة وتخلوا عن سفاسف الأمور وترفعوا عن الصغائر  واطلبوا المعالي يكن لكم شأن عظيم .

السعيد من اتعظ بغيره والشقي من فارق البشر ولم يستفد من العبر


أقول لمن قذفوا ويقذفون بالباطل على الحق ولم يدمغه ، أخاطب القذاذفة الأحياء وليس الأموات ، الجبابرة الدهات  وليس من انتمى إليهم من شرّده الشباب في الصحراء طريدا وكان بالأمس القريب سيدا وكانوا له ظلما خدما وعبيدا ،  إن جابرا ليس جبريلا  ؛ فجبريل رسول إلى خير البشر  وجبريل يتنزل برحمة رب البشر على  البشر ، وجبريل لا يحب أحدا إلا من كتب الله له القبول بين البشر ، أما جابر فأمير كتبت له محبة شعبه، وإجلال قومه ، نادوه بابا جابر في حياته وشيعوه بمئات الآلاف بعد ممتاه. لقد أحسن وأعطى وأغدق وتصدق  ، فاستحق الحب الوفير  والترحّم الكثير .  
إن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها . وكما يقول الشاعر :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم     *     فطالما استعبد الاحسان إنسانا .
قال بعضهم أنهم لا يستحقون الحياة إذا لم تحبهم الجماهير  .  وكانوا يظنون أو يتوهمون أو هكذا ينقل إليهم المبطلون والمخبرون .  فلقد رأينا الجماهير  تبصق في وجوهم وتجرّهم كالخراف المذبوحة إلى مسالخها . ها قد سمعناهم يقولون "حرام "  والحرام ما اقترفوا ، فكم قتلوا وسفكوا وكم سبّوا وظلموا ؟!!
أيها الأحياء من الرؤساء هذا نداء ممن يحب لكم الخير ولا يبغي لكم الضير
·       لاتسوموا شعوبكم  سوء العذاب   ولا تحيطوا أنفسكم بمن استمرأ الفساد
·       لا تعطوا شعوبكم من الفتات   ولا تتركوا أن يشيع الظلم بين العباد
·       لا تنبتوا وتغذوا في شعوبكم كرها لكم  ولا تنمّوا فيهم حقدا بجوركم
أما إخواني الليبيون المنتصرون على البغي ، الهازمون للطغيان والرجل العييّ : إن من ذاق مرارة اليتم يكون عطوفا كريما ، ومن تلظى واكتوى بنار  الظلم يكون عادلا حكيما ، ومن عاش البؤس والفقر والشقاء يكون للضعيف والمحتاج سندا رحيما .
كونوا مثالا في العدل وقدوة في القسط ومنارة للحق .  أحيطوا إخوانكم بالحبّ وقرّبوهم إليكم بالودّ .  ليحكمكم من تجلت حكمته وسبقت فضيلته،  وشاعت بالخير سمعته ، وقلت رذيلته ، وبانت عفته ،  وتوحدكم كلمته .  ليحكمكم من لأرضكم ينتمي،  وليس لأحضان الأشقر يرتمي  ، ولا بالأجنبي يستقوي ويحتمي . كونوا عونا للوطني الغيور الشجاع الجسور .  إلتفوا حول من يسعى للأرملة والمسكين ويطعم الجائع الفقير ويتألم لألم الصغير والكبير  ، إلتفوا حول من يريد أن يرفع هاماتكم بين الأمم ويجعل لكم سمعة بين الدول ويجعل من ليبيا في مقدمة الركب لا تابعا في الخلف كالذّنب   .

حوارات ومداخلات

حكم فرانسوا تومبلباي بعد خروج المسعمر من عام 1960- 1975  وأثناء فترة حكمه قامت الثورة المسلحة في الوسط والشمال المسلم وكانت أهدافها مشروعة في حينها ثم انضم إليها أناس أعتبروا عملاء ودخلاء فسرقوها وحرفوا أهدافها ، استمرت الثورة هنيئة ثم قتل مؤسسها إبراهيم أبتشة وكذلك محمد الباقلاني إنقسمت الثورة وظلت تحارب في جبهات عدة لوقت طويل. 
قام انقلاب عسكري عام 1975م من قبل الجنرال فيليكس مالوم وأطاح بالرئيس تومبلباي وحكم البلاد لمدة 4 سنين حتى 1979م ، ثم جاء حسين هبري إلى الحكم ولم تستقر الأوضاع ، قتل الشماليون في الجنوب من قبل الجنوبيين بسبب انتمائهم ولأن رئيس الوزراء آنذاك الذي يحارب في العاصمة هو شمالي .
 تقاتل حسين هبري مع غريمه جوكوني ،فخرج مغاضبا  ثم رجع منتصرا على جوكوني  فحكم لمدة 8 سنوات تخللتها حرب مع ليبيا والثورة المسلحة في الشرق وعاش الشعب في فترة رعب من ال دي.دي.إس ونقص الرواتب والمجهود الحربي .
ثار إدريس ديبي على حسين هبري ثم رجع منتصرا بعد فترة وجيزة  ؛  حكم لمدة تزيد على 15   عاما كلها قضاها في صراع وفي كرّ  وفرّ مع الثورة المسلحة .  
بدء شئ من الهدوء ومن السلم يغشى البلد وبدأنا نلتقط شيئا من انفاسنا . هل فترة حكم إدريس ديبي هي المبتغى وهي من خير القرون ؟  هل نحن راضون تمام الرضا عما هو واقع في البلد من التخلف والفساد ؟ لا أظن احدا يجيب بنعم إلا إن كان مكابرا معاندا يريد أن يغطي الشمس بغربال . هذا السرد التاريخي الموجز هو للعظة والاستفادة من التاريخ .
فيا إخوتي وأحبائي كم سنة وعاما من الدمار وهدر الأموال وإزهاق الأرواح تريدون ؟  ألا تجربون أسلوبا حضاريا جديدا ؟ ألا يكفينا تشردا وضياعا في بلاد الناس ؟ كم من التشاديين الذين تشردوا في ليبيا والذين ذاقوا ويلات من عذاب الثورة الليبية واتهموا بانهم مرتزقة ؛ أولائك نزحوا إلى ليبيا جراء الحرب بين التشاديين إبّان حكم حسين هبري ولم يرجعوا إلى بلادهم .  وكم مثلهم في بينين وكم مثلهم في نيجيريا وكم مثلهم في بلاد الدنيا ؟
أتمنى من كل قلبي ألا نتحدث عن التغيير العنيف . وأنتم أيها الشباب الواعي والمتعلم ، يا أبناء جيل الفضاء المفتوح وجيل الثورة المعلوماتية ، تخلوا عن الأساليب البالية التي تدمّر وتقتل وتسفك . كم منكم جرّب حياة المخيمات في كسري بالكاميرون وميدوغوري بنيجيريا ؟ كم منكم اصطفّ في الطابور ليأخذ صاعا أو صاعين من "السيمول" أو الدقيق أو الرز ؟  كم منكم انتظر طويلا في الصف ليسجل اسمه ليستلم خيمة تؤويه وأهله  ؟  كم منكم خرج من سار أو مندو أو كمرا  حافيا متجها إلى انجمينا ويقول رب سلّم سلّم ؟
أولائك الذين حملوا السلاح في فترة مضت جربوا أساليبهم ، فهل نتعظ بالتجارب الفاشلة ؟ وقديما قالوا : من يجرب المجرّب فإن عقله مخرب"  
أنا من دعاة التغيير ، تغيير البشر  والذي هو غير تغيير الحجر والمدر ، فإن تغيير البشر يحتاج إلى صبر واصطبار ، تغيير البشر يحتاج إلى خطط وأهداف واضحة وأساليب فاعلة  وإقناع للقعول والأفئدة قبل الأبدان . فإن بإمكانك ان تغير معالم جدار بيتك في لحظات وبإمكانك الهدّ والهدم في ثوان ، ولكنك هنا تتكلم عن تغيير طباع الناس وثقافتهم وعلمهم واجتماعياتهم ، وأخلاقهم . كيف تريد تغيير الرّذيلة إلى الفضيلة في يوم أو يومين ، كيف تريد تغيير الناس من العمل للمصلحة الفردية إلى االعمل للمصلحة العامة ؟
كيف تريد تغيير الفساد المالي والإداري الذي سرى في المجتمع كالسرطان بين عشية وضحاها ، هل حمل السلاح والخروج في الأدغال والامتثال لشروط الداعمين من السودنيين والليبيين هو النضال الوحيد الذي لا بديل عنه ؟  أنا من أنصار التغيير للأفضل . التغيير الذي يراعي حفظ النفس والمال والممتلكات العامة ، التغيير الذي يبني ولا يهدم ، التغيير الذي يقرب ولا يبعد ، التغيير الذي يشارك ولا يقصي ..  التغيير الذي يبدأ من حيث انتهى الآخرون ، التغيير الذي لا ينسف الماضي ويتنكر له تماما ، بل يبني على المفيد منه .
 أخي الفاضل إبن  وازرع وعلّم وثقّف وساهم بكل فكر سليم نيّر وادع بالحكمة والموعظة الحسنة ، الدعوة إلى التغيير العنيف حيلة ينبغي أن يتجاوزها الزمن . فلقد وعى الناس وانكشفت لهم ألاعيب الساسة الفاسدين ، الذين تلطخت أيديهم بسرقة المال العام وإن أرادوا أن يلتف حولهم الشباب من جديد .
 أنت اليوم في فضاء يسمعك فيه القريب والبعيد المؤيد والمعارض ، فقدم للناس طرحا بديلا   بعيدا عن التشنج والتعجل غير المدروس ، تذكر دائما أن الصوت الهادئ مسموع ومفهوم وأن الصوت العالي مزعج ومتروك . وأن من تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه
فلا تستهينوا بالفيس بوك كوسيلة فعالة للتغيير  . فيا من تستهين بالفيس بوك ؛ إعلم أن الفيس بوك خصم شرس بقفزات ناعمة ، الفيس بوك كالماء المتدفق المتسلل الذي يقتلع الحصون ويزيل السدود ، الفيس بوك خلع من مبارك وأبنائه الذين كانوا يستهزؤون به ، خلع منهم بدلاتهم الحريرية وألبسهم بدلات بيضاء رخيصة ووضعهم خلف القضبان .  الفيس بوك جعل زين العابدين يفهم شعبه ثم يختفي عن الأنظار . الفيس بوك وسيلة حضارية راقية تقارع المخالفين بالحجة ولا تلجأ إلى وضع السم للخصوم فتمحوهم عن الوجود .
صوت الفيس بوك هادئ خافت بل يكاد يكون همسا في  الآذان فتستجيب له العقول وليس صراخا يغطي الإفلاس المنطقي  ودلالة عجز  وقلة بضاعة  من الحجج والبراهين . حذار  من الفيس بوك ، فإن الذين لجأوا إليه استخدموا سلاحا ماضيا يكشف ستر الزيف ، ويعري ستر من تدثروا بالكذب والفساد  ، بالفيس بوك تتوحد الكلمة وتتوحد الرؤية والشعار  وتتوحد المطالب وتحدد بدقة .
الفيس بوك يستخدم الشبكة العنكبوتية التي تلف بخيوطها الحريرية الضحايا الذين لن يكون لهم فكاك من قبضتها .
أقول لكل من يستهين بالفيس بوك أنت واهم ، فإن المحاربين القدامى كانوا يرسلون رسائلهم عبر الحمام الزاجل تحريا للسرعة والدقة ، أما اليوم فإن رسائل المفسبكين تصل إلى غرف النوم والهواتف المحمولة والمقاهي والمكاتب بل تصل إلى كل مكان فيه الشبكة العنكبوتية .
والوسائل السلمية كثيرة تتدرج من إضراب النقابات والجمعيات والاحتجاجات إلى العصيان المدني الذي يحتاج إلى نفس طويل .
هل بالضرورة أن كل من يدعو إلى التغيير السلمي مندس أو خفاش ليل ؟ لا شك أن من يعتقد ذلك قد ظلم  ظلما كبيرا .
يجب أن نفرق هنا بين الولاء للوطن والولاء للنظام . فالولاء للوطن يقتضي النظر إلى المصلحة العليا من جميع الزوايا وتغليبها على المفسدة  . الولاء للوطن يوجب الحفاظ على أمنه واستقراره وغير ذلك مما من شأنه رفاهية وتقدم الوطن .  بينما مصلحة النظام أحيانا تكون مصلحة حزبية قاصرة على نظرة  ضيقة ، مصلحة النظام قد تدفع المنتفعين إلى سلوك مسالك غير مشروعة للبقاء والاستمرار .
الحكمة تقول : إن استطعت أن تأخذ حقك بسلام فلا تستخدم العنف ، والحكمة تقتضي أن نستفيد من دروس التاريخ القريب والبعيد .

حوارات ومداخلات

حكم فرانسوا تومبلباي بعد خروج المسعمر من عام 1960- 1975  وأثناء فترة حكمه قامت الثورة المسلحة في الوسط والشمال المسلم وكانت أهدافها مشروعة في حينها ثم انضم إليها أناس أعتبروا عملاء ودخلاء فسرقوها وحرفوا أهدافها ، استمرت الثورة هنيئة ثم قتل مؤسسها إبراهيم أبتشة وكذلك محمد الباقلاني إنقسمت الثورة وظلت تحارب في جبهات عدة لوقت طويل. 
قام انقلاب عسكري عام 1975م من قبل الجنرال فيليكس مالوم وأطاح بالرئيس تومبلباي وحكم البلاد لمدة 4 سنين حتى 1979م ، ثم جاء حسين هبري إلى الحكم ولم تستقر الأوضاع ، قتل الشماليون في الجنوب من قبل الجنوبيين بسبب انتمائهم ولأن رئيس الوزراء آنذاك الذي يحارب في العاصمة هو شمالي .
 تقاتل حسين هبري مع غريمه جوكوني ،فخرج مغاضبا  ثم رجع منتصرا على جوكوني  فحكم لمدة 8 سنوات تخللتها حرب مع ليبيا والثورة المسلحة في الشرق وعاش الشعب في فترة رعب من ال دي.دي.إس ونقص الرواتب والمجهود الحربي .
ثار إدريس ديبي على حسين هبري ثم رجع منتصرا بعد فترة وجيزة  ؛  حكم لمدة تزيد على 15   عاما كلها قضاها في صراع وفي كرّ  وفرّ مع الثورة المسلحة .  
بدء شئ من الهدوء ومن السلم يغشى البلد وبدأنا نلتقط شيئا من انفاسنا . هل فترة حكم إدريس ديبي هي المبتغى وهي من خير القرون ؟  هل نحن راضون تمام الرضا عما هو واقع في البلد من التخلف والفساد ؟ لا أظن احدا يجيب بنعم إلا إن كان مكابرا معاندا يريد أن يغطي الشمس بغربال . هذا السرد التاريخي الموجز هو للعظة والاستفادة من التاريخ .
فيا إخوتي وأحبائي كم سنة وعاما من الدمار وهدر الأموال وإزهاق الأرواح تريدون ؟  ألا تجربون أسلوبا حضاريا جديدا ؟ ألا يكفينا تشردا وضياعا في بلاد الناس ؟ كم من التشاديين الذين تشردوا في ليبيا والذين ذاقوا ويلات من عذاب الثورة الليبية واتهموا بانهم مرتزقة ؛ أولائك نزحوا إلى ليبيا جراء الحرب بين التشاديين إبّان حكم حسين هبري ولم يرجعوا إلى بلادهم .  وكم مثلهم في بينين وكم مثلهم في نيجيريا وكم مثلهم في بلاد الدنيا ؟
أتمنى من كل قلبي ألا نتحدث عن التغيير العنيف . وأنتم أيها الشباب الواعي والمتعلم ، يا أبناء جيل الفضاء المفتوح وجيل الثورة المعلوماتية ، تخلوا عن الأساليب البالية التي تدمّر وتقتل وتسفك . كم منكم جرّب حياة المخيمات في كسري بالكاميرون وميدوغوري بنيجيريا ؟ كم منكم اصطفّ في الطابور ليأخذ صاعا أو صاعين من "السيمول" أو الدقيق أو الرز ؟  كم منكم انتظر طويلا في الصف ليسجل اسمه ليستلم خيمة تؤويه وأهله  ؟  كم منكم خرج من سار أو مندو أو كمرا  حافيا متجها إلى انجمينا ويقول رب سلّم سلّم ؟
أولائك الذين حملوا السلاح في فترة مضت جربوا أساليبهم ، فهل نتعظ بالتجارب الفاشلة ؟ وقديما قالوا : من يجرب المجرّب فإن عقله مخرب"  
أنا من دعاة التغيير ، تغيير البشر  والذي هو غير تغيير الحجر والمدر ، فإن تغيير البشر يحتاج إلى صبر واصطبار ، تغيير البشر يحتاج إلى خطط وأهداف واضحة وأساليب فاعلة  وإقناع للقعول والأفئدة قبل الأبدان . فإن بإمكانك ان تغير معالم جدار بيتك في لحظات وبإمكانك الهدّ والهدم في ثوان ، ولكنك هنا تتكلم عن تغيير طباع الناس وثقافتهم وعلمهم واجتماعياتهم ، وأخلاقهم . كيف تريد تغيير الرّذيلة إلى الفضيلة في يوم أو يومين ، كيف تريد تغيير الناس من العمل للمصلحة الفردية إلى االعمل للمصلحة العامة ؟
كيف تريد تغيير الفساد المالي والإداري الذي سرى في المجتمع كالسرطان بين عشية وضحاها ، هل حمل السلاح والخروج في الأدغال والامتثال لشروط الداعمين من السودنيين والليبيين هو النضال الوحيد الذي لا بديل عنه ؟  أنا من أنصار التغيير للأفضل . التغيير الذي يراعي حفظ النفس والمال والممتلكات العامة ، التغيير الذي يبني ولا يهدم ، التغيير الذي يقرب ولا يبعد ، التغيير الذي يشارك ولا يقصي ..  التغيير الذي يبدأ من حيث انتهى الآخرون ، التغيير الذي لا ينسف الماضي ويتنكر له تماما ، بل يبني على المفيد منه .
 أخي الفاضل إبن  وازرع وعلّم وثقّف وساهم بكل فكر سليم نيّر وادع بالحكمة والموعظة الحسنة ، الدعوة إلى التغيير العنيف حيلة ينبغي أن يتجاوزها الزمن . فلقد وعى الناس وانكشفت لهم ألاعيب الساسة الفاسدين ، الذين تلطخت أيديهم بسرقة المال العام وإن أرادوا أن يلتف حولهم الشباب من جديد .
 أنت اليوم في فضاء يسمعك فيه القريب والبعيد المؤيد والمعارض ، فقدم للناس طرحا بديلا   بعيدا عن التشنج والتعجل غير المدروس ، تذكر دائما أن الصوت الهادئ مسموع ومفهوم وأن الصوت العالي مزعج ومتروك . وأن من تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه
فلا تستهينوا بالفيس بوك كوسيلة فعالة للتغيير  . فيا من تستهين بالفيس بوك ؛ إعلم أن الفيس بوك خصم شرس بقفزات ناعمة ، الفيس بوك كالماء المتدفق المتسلل الذي يقتلع الحصون ويزيل السدود ، الفيس بوك خلع من مبارك وأبنائه الذين كانوا يستهزؤون به ، خلع منهم بدلاتهم الحريرية وألبسهم بدلات بيضاء رخيصة ووضعهم خلف القضبان .  الفيس بوك جعل زين العابدين يفهم شعبه ثم يختفي عن الأنظار . الفيس بوك وسيلة حضارية راقية تقارع المخالفين بالحجة ولا تلجأ إلى وضع السم للخصوم فتمحوهم عن الوجود .
صوت الفيس بوك هادئ خافت بل يكاد يكون همسا في  الآذان فتستجيب له العقول وليس صراخا يغطي الإفلاس المنطقي  ودلالة عجز  وقلة بضاعة  من الحجج والبراهين . حذار  من الفيس بوك ، فإن الذين لجأوا إليه استخدموا سلاحا ماضيا يكشف ستر الزيف ، ويعري ستر من تدثروا بالكذب والفساد  ، بالفيس بوك تتوحد الكلمة وتتوحد الرؤية والشعار  وتتوحد المطالب وتحدد بدقة .
الفيس بوك يستخدم الشبكة العنكبوتية التي تلف بخيوطها الحريرية الضحايا الذين لن يكون لهم فكاك من قبضتها .
أقول لكل من يستهين بالفيس بوك أنت واهم ، فإن المحاربين القدامى كانوا يرسلون رسائلهم عبر الحمام الزاجل تحريا للسرعة والدقة ، أما اليوم فإن رسائل المفسبكين تصل إلى غرف النوم والهواتف المحمولة والمقاهي والمكاتب بل تصل إلى كل مكان فيه الشبكة العنكبوتية .
والوسائل السلمية كثيرة تتدرج من إضراب النقابات والجمعيات والاحتجاجات إلى العصيان المدني الذي يحتاج إلى نفس طويل .
هل بالضرورة أن كل من يدعو إلى التغيير السلمي مندس أو خفاش ليل ؟ لا شك أن من يعتقد ذلك قد ظلم  ظلما كبيرا .
يجب أن نفرق هنا بين الولاء للوطن والولاء للنظام . فالولاء للوطن يقتضي النظر إلى المصلحة العليا من جميع الزوايا وتغليبها على المفسدة  . الولاء للوطن يوجب الحفاظ على أمنه واستقراره وغير ذلك مما من شأنه رفاهية وتقدم الوطن .  بينما مصلحة النظام أحيانا تكون مصلحة حزبية قاصرة على نظرة  ضيقة ، مصلحة النظام قد تدفع المنتفعين إلى سلوك مسالك غير مشروعة للبقاء والاستمرار .
الحكمة تقول : إن استطعت أن تأخذ حقك بسلام فلا تستخدم العنف ، والحكمة تقتضي أن نستفيد من دروس التاريخ القريب والبعيد .